
الحوز.. صورة مؤلمة لـ”حمار” بواد أنكال يقاوم الموت تثير تعاطف فايسبوكيين
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في مساء غائم ليوم أمس الاثنين، حيث كانت السماء تئن تحت وطأة الأمطار الغزيرة التي لم تذق الأرض قبلها مثيلاً، اجتاحت السيول الهائجة وادي منطقة أنكال بإقليم الحوز، لتحمل معها الفاجعة في طياتها، بعدما كانت السحب الداكنة تظلل المكان، تعبيرا عن حزن السماء على ما سيحل بالأرض من دمار، وكما يحدث في اللحظات التي تتلاشى فيها الحدود بين الطبيعة والإنسان، لم يقتصر الضرر على البيوت والزرع وحدها، بل شمل أيضا أرواحا كانت تسعى للبقاء على قيد الحياة في صراع مريرمع المياه مع مياه السيول الجارفة .
ومع كل صورة مؤلمة تلتقطها العدسات، تصدر مقطع الفيديو الذي أظهر “حمارا” يتنفس بصعوبة، وقد غمرته المياه حتى نصف جسده، فاندلعت موجة من التعاطف على منصات التواصل الاجتماعي،فالحمار، الذي حملته السيول، كان رمزا لعذابات لا تُحكى، جسدت هشا كسرته قوة الطبيعة، لكنه في ذات الوقت كان يصر على البقاء، على التنفس، على الحياة.
كان المشهد كئيبا ومؤثرا، ذلك الحمار الذي كان يجاهد لتنفّس الهواء ببطء، بينما كان يواجه قسوة الطبيعة، وتسلّط السيول الجارفة، وكأنما كان يشير إلى حقيقة مرة، أن الفيضانات، بما تحمل من دمار وخراب، لا تميز بين كائن وآخر، بين إنسان وحيوان، بين ضيف وأصيل. في تلك اللحظات، كانت الطبيعة تدور رحاها على الجميع.
تساؤلات كثيرة تتصاعد حول حجم الخسائر التي خلفتها السيول في المنطقة، فالمصادر الرسمية لم تعلن بعد عن أي تفاصيل مؤكدة بشأن الضحايا من البشر. ولكن، ما جرى من دمار للزرع والماشية في وادي أنكال، يظل شهادة على قوة الطبيعة التي لا تعرف حدودًا ولا تراعي أبعادًا، وقد يكون الحمار الذي يظهر في الفيديو الأكثر دلالة على حجم الكارثة، إذ لا تزال صورته عالقة في الأذهان.
الكل، من سكان المنطقة إلى رواد مواقع التواصل، عبروا عن تعاطفهم مع هذا الكائن الضعيف الذي أصبح رمزًا للعذاب المشترك بين الإنسان والطبيعة،فالجميع يرى في هذا الحمار الضحية التي لا صوت لها، إلا أن مشهد معاناته فتح أبواب التضامن وأضاء مساحة من الوعي على الحاجة إلى المزيد من التدابير الوقائية والإنسانية لمواجهة هذه الكوارث الطبيعية.
وادي منطقة أنكال الحوز، والذي يعتبر من المناطق الجبلية المعروفة بوعورتها، لم يكن في يوم من الأيام مأوى للفوضى أو الدمار، ولكن كما يقول البعض: “الفيضان لا يميز بين ما هو قديم وجديد، قوي وضعيف، كبير وصغير”. فما جرى هنا لم يكن مجرد كارثة طبيعية، بل كان لحظة مكاشفة للمجتمع المحلي والدولي على حد سواء، حول هشاشة النظام البيئي والطبيعي في هذه المناطق.
بالتالي، سيظل الحمار الذي أسرت صورة معاناته قلوب الكثيرين، شاهدًا على هذا اليوم العاصف، يومٍ حمل في طياته دروسًا مؤلمة. وربما، بعد أن تهدأ المياه وتذهب عن الأرض آثارها، يبقى السؤال الأهم: هل سنجد في المستقبل حلًا يقي هذه المناطق من كارثة مماثلة؟ هل سنحمي البشر والحيوانات والأرض من تداعيات الطوفانات التي لا رحمة فيها؟
هذا الحمار، الذي عانى من تلك السيول، قد يكون قد خرج من هذه التجربة، ولكنه لا يزال يحمل قصة من الألم والأمل على حد سواء.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X