
القناطر المتوقفة.. جراح مفتوحة تفضح أعطاب البنية وتستدعي تدخل نزار بركة
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في لحظةٍ عابرة، انهمرت السماء على درعة تافيلالت، لا كرحمةٍ منتظرة، بل كاختبارٍ قاسٍ لمنظومة بنيةٍ تحتية ما زالت تتأرجح بين الوعود المتكررة والتعثر الدائم.
الطرق الحيوية انقطعت كما تنقطع سبل النجاة في عزّ الحاجة، والسيول جرفت معها ليس فقط الطين والحصى، بل جرفت كذلك صبر مواطنين أدمنوا على اجتياز المحن بصمت.
الطريق الوطنية رقم 10 عند جماعة سكورة، والطريق الوطنية رقم 9 عند أمرزكان، تحوّلتا في لحظة إلى خطوط عزل، قاطعة الأوصال بين المدن، ومعلقة حاجات العابرين، الذين وجدوا أنفسهم أسرى الطبيعة وغفلة المسؤول.
لكن المطر، رغم قسوته، لم يكن سوى الكاشف. الكاشف لوجعٍ قديم اسمه: مشاريع معلقة، وقناطر متوقفة، وأوراش هجرتها آلياتها بلا وداع. في جماعة سكورة، توقفت أشغال قنطرتين منذ أكثر من عام، تاركة خلفها أطلالًا إسمنتية تذروها الرياح، وتلعنها السيارات العابرة يوميًا وهي تنحرف عن المسار وتغوص في الأتربة.
هذا التوقف لم يكن صيفًا عابرًا، بل صيفًا لاهبًا من المعاناة، تضررت المركبات، وتكدرت حركة السير، وتراكمت الاختناقات، حتى تحوّل الطريق إلى مسلك متعرج يشبه المتاهة، لا يصلح لعبور البشر ولا أحلامهم.
وليست سكورة وحدها من تئن. فبعيدًا هناك، بعمالة إنزكان، وتحديدًا بمنطقة أولاد داحو، ما تزال قنطرة أخرى ترزح تحت وطأة الإهمال منذ سنتين، دون أن تُستكمل أو يُعلن عن مصيرها، وكأن الزمن قرر أن ينسى، أو أن يتواطأ مع النسيان.
اليوم، ومع اقتران موسم الأمطار بما تبقى من الأمل، تخرج هذه القناطر المتوقفة من صمتها لتسائل من بيده القرار،وزارة التجهيز والماء، التي يقودها نزار بركة، عن سرّ هذا البطء، وعن غياب الحزم في تتبع المشاريع، ومحاسبة المقاولات المتقاعسة، وتحديد المسؤوليات بوضوح لا يقبل التأويل.
ليس من المقبول أن يتحول مشروع قنطرة إلى عبء، وأن تبقى طرق وطنية رهينة لمزاج مقاول أو تأخر في الإجراءات، فالبنية التحتية ليست مجرد إسمنت وحديد، بل شريان حياة، وحق من حقوق الوطن على نفسه.
إن الجهات المسؤولة، سواء كانت وزارة أو مجالس منتخبة، مطالبة اليوم، قبل الغد، بأن تعيد الاعتبار لهذه المحاور، وأن تُسرع وتيرة الأشغال، وتحسم في مصير المشاريع العالقة، لأن القادم من الأيام لا يحتمل مزيدًا من الانتظار، ولا مزيدًا من العزلة إذا ما تهاطلت الأمطار من جديد.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X