المغاربة العالقون بالجزائر.. رهائن في قبضة نظام عسكري أمعن في احتجازهم لسنوات

هبة بريس

في ظلّ الصمت الرسمي الجزائري الخانق والمستمر، تتكشّف ملامح مأساة إنسانية ثقيلة تتجاوز كل خلاف حدودي أو توتر دبلوماسي بين الرباط والجزائر. إنها أزمة المغاربة العالقين في الأراضي الجزائرية، حيث يتحوّل المهاجرون إلى رهائن لدى نظام لا يعترف لا بحقوق الإنسان ولا بأبسط قواعد التعامل الإنساني، تاركًا المئات منهم في حالة تيه قانوني، بين الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والاحتجاز الطويل خارج أي مسار قضائي مشروع.

فوضى الاعتقالات العشوائية للمغاربة بالجزائر

وكشف مراقبون للوضع أن عدد المغاربة المحتجزين أو المفقودين في الجزائر تجاوز رسميًا 682 شخصًا، بينهم نساء وأطفال ومسنّون، لكن بعضهم ذكر أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى من 1000، بفعل فوضى الاعتقالات العشوائية، والتهجير القسري، وسياسة الصمت الإعلامي التي تنتهجها الجزائر بشكل مقصود.

ويعيش هؤلاء في فراغ قانوني خطير، يتنقّلون بين جحيم الاحتجاز الإداري الطويل دون حكم قضائي، والحرمان من أي تواصل مع القنصلية المغربية أو عائلاتهم، في مشهد يُجسّد تنصّل الدولة الجزائرية من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية.

ولم تتوقف الانتهاكات عند هذا الحد، بل شملت إصدار أحكام سجن قاسية وغير مبرّرة، حيث تم الحكم على 14 مغربيًا بعقوبات تصل إلى عشر سنوات، دون محاكمة عادلة أو معلومات واضحة عن التهم الموجّهة إليهم.

احتجاز المغاربة بالجزائر لشهور دون محاكمة

كما فُرضت عقوبة موحّدة بالسجن لمدة سنة على 39 امرأة مغربية، في خرق فجّ لمبدأ المحاكمة الفردية، وانتهاك سافر للعدالة الدولية.

أما المهاجرون الآخرون، فتم احتجازهم إداريًا لشهور طويلة، وصلت في بعض الحالات إلى 14 شهرًا، دون محاكمة أو تهمة، في تعارض صارخ مع الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها الاتفاقية الخاصة بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.

وفيما يتعلّق بعمليات الترحيل التي تنفذها السلطات الجزائرية بحق المغاربة، فإنها تتمّ بطريقة عبثية ومهينة للمهاجرين المرحّلين، وغالبًا عبر المعبر الحدودي “زوج بغال”.

سياسة الهروب للأمام

ويحمّل مراقبون هذا الوضع المأساوي للنظام الجزائري، الذي اختار سياسة الهروب إلى الأمام وإغلاق كل قنوات التواصل، تاركًا آلاف الأسر المغربية في الجهة الشرقية رهينة لهذا الجمود. فأكثر من 28 ألف أسرة مغربية ترتبط مباشرة بعلاقات عائلية مع أسر جزائرية، لكن السياسة العقيمة لنظام العسكر قطعت الأرحام، وخنقت الروابط التي صمدت لعقود رغم الحدود.

ومن كانوا بالأمس يتنقّلون بين وجدة وتلمسان بحرية ويتقاسمون المناسبات، أصبحوا اليوم أسرى قرار رسمي جزائري لا يعترف لا بالروابط الإنسانية ولا بالجغرافيا المشتركة.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى