
تفاصيل و موضوع خطبة الجمعة بمختلف مساجد المغرب هذا الأسبوع
هبة بريس ـ الدار البيضاء
اختارت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية موضوع العطاء في سبيل الله و أنواعه و مجالاته و فوائده كموضوع موحد لنهار اليوم بمختلف مساجد المملكة المغربية.
و جاء في الخطبة الموحدة أن من أنواع العمل الصالح المرغب فيه في شريعة الإسلام، والوارد بأساليب و وجوه مختلفة في مجالات متعددة العطاء في سبيل الله، يقول الله تعالى في محكم التنزيل: [فَأَمَّا مَنَ اَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى].
في هذه الآية الكريمة قدم الحق سبحانه وتعالى العطاء على التقوى وعلى التصديق بالحسنى لأن العطاء برهان فعلي عليهما وسبب روحي لهما، ولذلك حذف المفعول ليتناول جميع أنواع العطاء المادية والمعنوية، ولكي ينبه سبحانه على أن العطاء يجب أن يكون صفة ملازمة للإنسان المسلم وهو سبيله لليسرى التي هي الجنة وما إليها من النعيم المقيم.
إن المتأمل في كلام الله تعالى يجد العطاء في سبيل الله متعدد الأوجه، ومختلف المجالات، يرد تارة مقرونا بالتوحيد ومرة أخرى بالصلاة والصيام والزكاة ومرة بالحج ومكارم الأخلاق، والقصص القرآني ومآثر الأولين، وغيرها من موضوعات القرآن المختلفة.
فتارة يسوقه القرآن بلفظ الطعام: [اَوِ اِطْعَام فِے يَوْمٖ ذِے مَسْغَبَةٖ يَتِيماٗ ذَا مَقْرَبَةٍ اَوْ مِسْكِيناٗ ذَا مَتْرَبَةٖ]، ويذكره مرة أخرى بلفظ الإنفاق: [وَمَآ أَنفَقْتُم مِّن شَےْءٖ فَهُوَ يُخْلِفُهُ].
وكذا بلفظ العطاء والإحسان والإيثار والصدقة والبر، وغيرها من الألفاظ التي يقف عليها المتتبع لمعاني العطاء في القرآن.
والعطاء ينقسم إلى قسمين كبيرين هما: العطاء المادي؛ وهو المتبادر إلى الأذهان عند ذكره، والعطاء المعنوي أو اللامادي؛ وهو الذي يغفل عنه كثير من الناس، أو على الأقل يغفلون عن أهميته ودوره في الرقي بالمجتمع.
ولنقتصر على فضل العطاء المادي ووجوه إنفاقه في هذه الخطبة، وفي الخطبة القادمة نتناول العطاء اللامادي بحول الله.
فمما يدل على فضل العطاء أنه صفة من صفات الله تعالى الجليلة، فهو سبحانه المحسن ويحب المحسنين، وهو الجواد الكريم ويحب الكرماء، ويعطي سبحانه قبل السؤال، ويجزل العطاء، ويحب من اتصف بهذه الصفة من عباده لقوله تعالى، مبينا أن من أسباب الفوز والنجاح في الآخرة الوفاء بالنذور والإطعام في سبيل الله: [يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماٗ كَانَ شَرُّهُۥ مُسْتَطِيراٗ وَيُطْعِمُونَ اَلطَّعَامَ عَلَيٰ حُبِّهِۦمِسْكِيناٗ وَيَتِيماٗ وَأَسِيراً اِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اِللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءٗ وَلَا شُكُوراً].
وأما أوجهه فمتعددة ومتنوعة بين الواجب والتطوع، نذكر من الواجب: النفقة على النفس وعلى الوالدين والزوجة والأولاد، يقول النبي ﷺ: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء، فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء، فهكذا وهكذا» يقول: «فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك».
ومن الواجب كذلك الزكاة، التي هي حق الفقراء والمساكين في مال الأغنياء، قال الله تعالى: [وَالذِينَ فِےٓ أَمْوَٰلِهِمْ حَقّ مَّعْلُوم لِّلسَّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ].
ومنه كذلك حقوق الغير المتعلقة بمال المسلم لسبب أو لآخر، وهي نوع من أنواع العطاء وإن كانت مستحقة بالعوض أو الإجارة أو النذر أو غيرهما.
ونذكر من العطاء التطوعي؛ التبرعات المختلفة من صدقة وهبة ووقف ونِحْلة ومنحة وغيرها من أنواع التبرعات المفصلة في كتب الفقه، والمرغب في إسدائها للغير في سبيل الله تعالى وابتغاء مرضاته.
والعطاء، أيها الإخوة المؤمنون والأخوات المؤمنات؛ له أثر كبير وفوائد عظيمة وجليلة على الفرد والمجتمع على المنفِق وعلى المنفَق عليه، ومن هذه الفوائد: أنه ينشر المحبة بين الناس عبر قيم التضامن والمواساة فيما بينهم، ويزكي الأنفس من الشح والبخل وحب الذات، ويحل مشاكل المساكين والمعوزين، ويعيد توزيع الثروة حتى لا تكون دولة بين الأغنياء دون غيرهم، ويسهم في التنمية والرقي بالمجتمع؛ وهذا معنى من معاني قول الشيخ أبي العباس السبتي رحمه الله: “الوجود ينفعل بالجود”.
والمتأمل في هذه الجملة يدرك أن الإحسان بين الناس وإسهامَ كل فرد بما يحسن قدر ما يستطيع من قليل أو كثير يجعل الوجود منفعلا متناميا، محققا للناس مصالحهم بكل يسر وسهولة.
أما الخطبة الثانية، فجاء فيها أن من مناسبات الجود والعطاء هذه الأيام المباركات التي تضاعف فيها الحسنات، وتتنزل فيها الرحمات، أيام عيد الأضحى المبارك، أيام أكل وشرب وذكر الله، وهي أيام معدودات، فاعمروها بالذكر والشكر للجواد الكريم سبحانه، الذي غمرتنا عطاياه في الظاهر والباطن، واشغلوا أنفسكم فيها بصلة الأرحام والتصدق على الفقراء والمساكين، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
واعلموا أن النبي ﷺ، ذبح كبشين أقرنين في عيد الأضحى المبارك، واحدا عن نفسه و واحدا عمن لم يضح من أمته، وها هو ولي أمرنا أمير المؤمنين جلالة الملك محمدا السادس، حفظه الله وأعز أمره، سيستن بسنة جده المصطفى ﷺ، ويذبح كبشين واحدا عن نفسه وواحدا عن أمته وشعبه، لما تعيشه بلادنا من شح في الماشية بسبب التقلبات المناخية، آخذا بمبدأ التيسير ورفع الحرج عن الأمة في هذه السنة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X