رد جزائري مرتبك على قرار ماكرون تعليق اتفاق الإعفاء من التأشيرات

هبة بريس

في خطوة جديدة تعكس ارتباك النظام الجزائري وتخبطه الدبلوماسي، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانًا حاولت فيه تحميل فرنسا مسؤولية الأزمة المتفاقمة بين البلدين، متجاهلةً الحقائق التي تكشف عن دور الجزائر في تأجيج التوترات وافتعال أزمة لا زالت مستمرة مع فرنسا.

وجاء البيان الجزائري كردّ فعل على رسالة بعث بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رئيس وزرائه، يدعوه فيها إلى تعليق الاتفاقية المبرمة مع الجزائر عام 2013، والخاصة بالإعفاء من التأشيرة لحاملي الجوازات الرسمية والدبلوماسية. لكن، ورغم التوضيحات التي قدمتها الخارجية الفرنسية، يتضح أن النظام الجزائري يحاول التملص من مسؤولياته، مفضّلًا اتهام الآخرين بفشل سياساته الخارجية.

ففي الوقت الذي سعت فيه باريس إلى تهدئة الأجواء عبر قنوات دبلوماسية واضحة، اختارت الجزائر نهج المواجهة والتصعيد كعادتها، في مشهد يعكس عقلية النظام العسكري المهووسة بالمظلومية.

ومن المثير للسخرية أن البيان الجزائري يتّهم فرنسا بتقويض الاتفاقات الثنائية وانتهاك الالتزامات، بينما يعلم الجميع أن النظام الجزائري هو من انتهك مرارًا مبادئ المعاملة بالمثل، مستخدمًا الاتفاقات كأوراق ضغط سياسية، بدل الالتزام بها.

فالاتفاقات التي يشير إليها البيان، كاتفاقات 1968 و1974 و2013، ظلت حبيسة التأويلات الانتقائية التي يخدم بها النظام مصالحه الآنية، خاصة حين يتعلق الأمر بترحيل المعارضين أو حصار الجالية الجزائرية في الخارج.

أما الحديث عن “المعاملة بالمثل” و”التدابير المضادة”، فهو محاولة يائسة لتبرير سلوك عدائي يُمارسه النظام العسكري ضد شركائه الدوليين، في وقت يتجه فيه معظم بلدان العالم نحو الانفتاح والتعاون.

الغريب في الأمر أن الجزائر، التي تعيش أزمة شرعية داخلية خانقة، تحاول تصدير أزمتها للخارج، وتبحث عن عدو خارجي تُحمّله مسؤولية الفشل المتراكم في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية.

وفي لهجة تعكس تمسك النظام  بمنطق التحدي الأجوف، يدعي البيان أن الجزائر “لا ترضخ للضغوط”، في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن النظام الجزائري يعيش عزلة متزايدة، بعد سلسلة من الإخفاقات الإقليمية والدولية، بدءًا من ملف الصحراء المغربية، وصولًا إلى علاقاته المهترئة مع أوروبا.

كما أن اتهام فرنسا باللجوء إلى “التهديدات والإملاءات”، لا يعدو أن يكون محاولة رخيصة للظهور بمظهر الضحية، في حين أن النظام الجزائري هو من استغل ملف التأشيرات والدبلوماسية كوسيلة ابتزاز، متناسيًا أن القوانين الأوروبية لا تُصاغ وفق أهواء جنرالات الجزائر في قصر المرادية.

واختتمت الجزائر بيانها بالتلويح بإلغاء اتفاق يُعفي الدبلوماسيين من التأشيرات، في تصعيد فارغ لا يُخيف أحدًا، ويؤكد مرة أخرى أن النظام الجزائري بات يفتقر إلى أدوات التأثير، محاصرًا داخليًا وخارجيًا، ولا يملك سوى بيانات موجهة للاستهلاك الداخلي.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى