
محامٍ جزائري يفر من جحيم الجنرالات عبر قارب الموت نحو سبتة
هبة بريس
لم تعد قوارب الموت حكراً على المهمشين أو المنقطعين عن الدراسة، بل صارت تضم حتى أصحاب الشهادات العليا وأطر النخبة في الجزائر، بعدما ضاقت بهم سبل العيش داخل وطن يسيره نظام عسكري مرتجل، عاجز حتى عن توفير الحد الأدنى من الكرامة لشعبه في بلاد البترول والغاز.
ترحيل 24 مهاجر غير نظامي
في هذا السياق، رحّلت السلطات الإسبانية، صباح يوم أمس الخميس، 24 مهاجراً غير نظامي من مركز الإقامة المؤقتة للمهاجرين بسبتة المحتلة نحو شبه الجزيرة الإيبيرية، بعدما نجحوا في التسلل من مدينة الفنيدق المغربية.
هؤلاء الشباب، المنحدرون من الجزائر والسودان وغينيا كوناكري، تتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة، وقضوا شهوراً كاملة في انتظار تسوية أوضاعهم القانونية.
وسط المجموعة برزت قصة شاب جزائري في الثلاثينيات من عمره، محامٍ حاصل على شهادة الماجستير في القانون والعلوم السياسية، فضّل عدم الكشف عن هويته الكاملة.
هذا الشاب، الذي كان يفترض أن يشكل جزءاً من نخبة بلده، عبّر لوكالة “أوروبا بريس” الإسبانية قائلاً: “إنه نظام لا يتيح لك الازدهار ولا حياة أفضل”. كلمات قليلة تختزل مأساة جيل بأكمله، وجد نفسه عالقاً بين بطالة خانقة في وطن لا يعترف بكفاءاته، أو ركوب قوارب الموت في رحلة محفوفة بخطر الموت الوشيك.
الجزائر تهدر طاقاتها
المحامي الشاب، المتقن للعربية والفرنسية والإنجليزية والساعي حالياً لتعلم الإسبانية، يحلم بمعادلة شهادته في إسبانيا للاندماج في سوق العمل هناك.
كما لم يُخف شغفه بالفن والموسيقى، خصوصاً الفلامنكو الذي وصفه بأنه الأقرب إلى قلبه. صورة مؤلمة تعكس واقعاً صادماً: نخبة تُهدر طاقاتها في الجزائر، بينما تراها أوروبا قيمة مضافة لمجتمعاتها.
هذه العملية جاءت بعد أيام فقط من نقل 15 مهاجراً آخرين من المركز ذاته نحو إسبانيا، في ظل تقارير حقوقية تؤكد أن مركز الإقامة بسبتة بلغ أقصى طاقته الاستيعابية، ما اضطر السلطات إلى تحويل قاعات دراسية وقاعات كبرى لاستيعاب الأعداد المتزايدة، خاصة القادمة من الجزائر.
هكذا تفضح مأساة المحامي الجزائري وغيرِه من شباب بلده حقيقة الوضع الداخلي المنهار: جيل كامل لم يعد أمامه سوى خيار “الهروب” من جحيم البطالة وانسداد الأفق تحت قبضة الجنرالات العجائز. إنها صورة بلد لم يعد قادراً إلا على تصدير أبنائه في قوارب الموت، بعدما فشل في تأمين أبسط شروط الحياة الكريمة لمواطنيه.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X