هل أخفقت المعارضة في مواجهة الأغلبية؟؟

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

مع اقتراب انتخابات 2026 في المغرب، يظهر المشهد السياسي متوترا بشكل متزايد، خاصة في ظل الصراع المحتدم بين الأغلبية الحكومية والمعارضة.

وبينما كان يُفترض أن تشكل المعارضة جبهة موحدة لمواجهة الأغلبية في البرلمان، يبدو أن الوضع قد شهد تراجعا ملحوظا في التنسيق بين الأحزاب المعارضة. آخر مثال على ذلك كان الإخفاق الفادح في ملتمس حجب الثقة عن حكومة عزيز أخنوش، الذي قدمته أحزاب المعارضة في محاولة لاستعراض قوتها السياسية، لكنه انتهى بتبادل الاتهامات وخلق انقسامات داخل صفوفها.

– فشل ملتمس حجب الثقة: مناورة أم بداية انهيار؟

كانت المبادرة التي أطلقتها 4 أحزاب معارضة، وهي الاتحاد الاشتراكي، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، لإسقاط الحكومة عبر حجب الثقة، خطوة سياسية مهمة قد تعكس مستوى التنسيق والوحدة داخل المعارضة، إلا أن هذه المبادرة سرعان ما تحولت إلى خيبة أمل سياسية.

في ماي 2025، وبعد مشاورات مطولة، أعلنت هذه الأحزاب تأجيل تقديم طلب حجب الثقة، ثم انسحب حزب الاتحاد الاشتراكي بشكل مفاجئ، متهماً باقي الأحزاب بإغراق المبادرة “في الكثير من الجوانب الشكلية” وعدم الإيمان الحقيقي بقدرتها على النجاح، الاتهامات المتبادلة بين الأحزاب، خاصة بين الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية، كشفت عن وجود تباين واضح في الرؤى السياسية وأدى إلى تشرذم داخل المعارضة.

المحللون السياسيون يرون في هذا الفشل بداية انهيار الوحدة داخل المعارضة، ويعتبرون أن الخطوة كانت في الأساس “مناورة سياسية” تهدف إلى كسب نقاط انتخابية، أكثر من كونها محاولة حقيقية لإسقاط الحكومة، في هذا السياق، يرى محللون للمشهد السياسي المغربي إن المعارضة كانت تدرك أن حجب الثقة ليس خياراً عملياً في ظل التفوق العددي للأغلبية، ولكنها سعت لتحريك المياه السياسية وتحقيق مكاسب انتخابية في ظل قرب الانتخابات.

– تحديات المعارضة وأزمة التنسيق الداخلي

من بين أبرز الأسباب التي أفضت إلى فشل ملتمس حجب الثقة، كان غياب التنسيق الفعّال بين أحزاب المعارضة، فقد كانت هناك تباينات كبيرة في أولويات الأحزاب وأهدافها، ما أدى إلى حالة من التخبط داخل الصفوف.

تصريحات محمد بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، تشير إلى أن حسابات سياسية ضيقة أفسدت التنسيق بين الأحزاب، حيث كان كل حزب يسعى إلى الظهور بمظهر الزعيم السياسي للمبادرة.

وفي هذا الإطار، يعتقد أستاذة في القانون الدستوري، أن تشرذم المعارضة وعدم قدرتها على التنسيق يعكس ضعفاً في تطبيق أدوات الرقابة البرلمانية التي يتيحها الدستور المغربي، كما أشاروا إلى أن المعارضة “لم تستطع تفعيل الأدوات الرقابية”، وأصبح الصراع الداخلي أبرز معوقات عملها السياسي.

– مستقبل المعارضة في انتخابات 2026

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في صيف 2026، يصبح من الواضح أن المعارضة المغربية بحاجة إلى مراجعة استراتيجياتها بشكل جذري، فالتوترات داخل صفوفها، وفشل المبادرات السياسية مثل ملتمس حجب الثقة، يضعها في موقف صعب أمام الناخبين. في الوقت نفسه، تسعى الأحزاب المعارضة إلى إعادة ترتيب أوراقها والتأثير على الناخبين من خلال التركيز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تشغل الرأي العام المغربي خلال افتتاح الدورة التشريعية في اكتوبر المقبل من السنة الجارية، استعداداً لما ستقوله احزاب المعارضة امام المواطنين خلال الحملة الانتخابية للبرلمان وبعدها الجماعات الترابية .

إن أي استراتيجية سياسية للمستقبل ستحتاج إلى وحدة أكبر داخل المعارضة، والتنسيق بين القوى السياسية المختلفة، لاسيما في مواجهة الأغلبية التي تمتلك 270 مقعداً من أصل 395 في البرلمان، ورغم التحديات التي تواجهها المعارضة، فإن الانتخابات المقبلة قد تكون الفرصة الأخيرة لها لإعادة بناء نفسها بشكل يتيح لها الحصول على رصيد سياسي كافٍ للتأثير على مجريات السياسة المغربية.

– هل استطاعت الأغلبية الحفاظ على تماسكها؟

في المقابل، تظل الأغلبية الحكومية، التي يقودها حزب “التجمع الوطني للأحرار” تحت قيادة عزيز أخنوش، في موقف قوي، مع ذلك، فإن نجاحها في منع أي هزات سياسية كبيرة لا يعني بالضرورة خلو الوضع من التحديات.

فالأغلبية تواجه مطالب اجتماعية واقتصادية ضاغطة، وهو ما قد يشكل اختباراً لقوة حكمها في المستقبل رغم ان خلافات وقعت خلال الموسم السياسي الماضي بعد خروج حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال عن ميثاق الائتلاف والاصطفاف بشكل محتشم مع اصوات الشارع المغربي من خلال مجموعة من المطالب أبرزها ” غلاء المعيشة “.

مع اقتراب موعد الانتخابات في 2026، يظل الوضع السياسي المغربي في مرحلة تحول. في حين أن الأغلبية تظل في موقع قوي، إلا أن المعارضة قد تجد في الإخفاقات الأخيرة فرصة لإعادة تنظيم نفسها وإعادة صياغة استراتيجياتها بشكل يمكنها من مواجهة التحديات المقبلة. وفي النهاية، سيظل السؤال الأهم: هل ستنجح المعارضة في تجاوز خلافاتها الداخلية وتقديم نفسها كبديل حقيقي للأغلبية.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى