وسط أزمة الصراعات الداخلية… عقيد مخابرات جزائري يفر إلى سويسرا ويطلب اللجوء 

هبة بريس

عرفت الجزائر خلال الأسبوع الماضي أزمة غير مسبوقة داخل جهاز استخباراتها، تمثلت في فرار العقيد “أنيس” المعروف بالاسم الحركي “مروان”، وهو الممثل السابق لجهاز المخابرات في سفارة الجزائر بروما، إلى سويسرا، حيث لجأ إلى سويسرا مع أسرته طالبًا اللجوء السياسي، بعد أن وصلته أوامر عاجلة بالعودة إلى البلاد.

حالة فوضى بالمؤسسة الأمنية الجزائرية

مصادر مقربة من الدوائر الأمنية أكدت أن  “مروان”، الذي ترأس المكتب الأمني بالسفارة الإيطالية لخمسة أعوام، رفض العودة إلى وطنه، مفضلاً الفرار، وهو ما اعتُبر “هروبًا مدويًا” يعكس حالة الفوضى والاضطراب التي تعصف بالمؤسسة الأمنية الجزائرية، والتي تشهد تغييرات مستمرة في قيادتها، بمعدل تغيير كل أربعة أو خمسة أشهر منذ 2020.

ويرجح أن العقيد “مروان”، المنتمي إلى كل من أجهزة التجسس ومكافحة التجسس، استشعر خطر العودة في ظل تصاعد الصراعات الداخلية داخل النظام، الذي وصفه موقع “الشروق” بـ”الإسطبل”، في إشارة إلى التحالف المهتز بين الرئيس عبد المجيد تبون ورئيس أركان الجيش سعيد شنقريحة.

وكان “مروان” من كوادر المديرية العامة للأمن الداخلي، حيث عمل بين 2019 و2020 تحت إشراف الجنرال واسيني بوعزة، الذي يقبع الآن في السجن مع عدد من معاونيه، وهو مصير حاول “مروان” تفاديه بالفرار، خاصة في ظل ازدياد أعداد الضباط والجنرالات المعتقلين أو المراقبين بالإقامة الجبرية في العاصمة.

وجاء هروب “مروان” بعد أيام قليلة من تغييرات جديدة في قيادة المديرية العامة للأمن الداخلي، حيث أُقيل عبد القادر حداد المعروف بـ”ناصر الجن”، ليخلفه الجنرال عبد القادر آيت وعرابي أو “الجنرال حسان”، الذي له سجل حافل بالجدل، بعدما قضى سنوات في السجن وكان مطلوبًا من القضاء العسكري.

جرائم رهيبة في الجزائر

واختار العقيد “مروان” سويسرا وجهةً له، مستندًا إلى سمعة القضاء السويسري في متابعة جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت خلال “العشرية السوداء”، وهي الفترة التي شهدت جرائم رهيبة في الجزائر بين 1992 و2002.

وتجدر الإشارة إلى أن القضاء السويسري سبق وأن تعقب الجنرال الراحل خالد نزار، الذي توفي قبل محاكمته بفترة قصيرة، كما أن قائد الأركان الحالي سعيد شنقريحة يواجه شكاوى دولية تتعلق بإعدامات ميدانية بحق المدنيين.

هذا الهروب يعيد النظام الجزائري إلى الواجهة في موقف محرج، إذ يمكن أن يصبح “مروان” شاهدًا رئيسًا في تحقيقات دولية تفتح ملفات فساد وجرائم ضد قيادات عسكرية بارزة.

ومن المعروف أن السلطات السويسرية تملك معلومات واسعة عن أموال وأملاك مشبوهة تخص أوليغارشية الجيش والجنرالات، مودعة في بنوك سويسرا.

موجة هروب غير مسبوقة

وتأتي هذه الحادثة وسط موجة هروب غير مسبوقة من الجزائر تشمل مختلف شرائح المجتمع، من المواطنين العاديين الذين يغامرون بحياتهم عبر البحر، إلى المعارضين السياسيين المستهدفين من النظام، ووصولًا إلى كبار الضباط الذين يهربون من صراعات السلطة داخل المؤسسة العسكرية.

وفي محاولة يائسة لوقف النزيف المستمر، فرض النظام العسكري قيودًا مشددة على حرية التنقل، حيث يحظر على حوالي 40% من السكان مغادرة البلاد، وفق شهادات صحفيين معارضين، منهم رءوف حرز الله، الذي أصبح أيضًا ضحية لهذا المنع التعسفي.

وفي الوقت نفسه، تواصل السلطات الجزائرية ملاحقة معارضيها بالخارج عبر مذكرات توقيف دولية، وتجاوزت ذلك إلى تنفيذ عمليات استخباراتية وأعمال عنف وصفت بـ”الإرهابية” على أراضي دول أخرى ذات سيادة.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى