
يدعم الحرب على غزة.. الجزائر تستنجد ببولتون للتشويش على قضية الصحراء
هبة بريس
يبدو أن الإعلام الجزائري، الرسمي والموجَّه، قد وجد ضالته في إعادة تدوير تصريحات جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، الذي لم يعد له موطئ قدم في مراكز القرار بواشنطن منذ طرده من إدارة ترامب سنة 2019.
“البشرى الدبلوماسية”
ورغم ذلك، يُقدَّم في الجزائر على أنه “العين الأمريكية التي لا تنام”، و”الصوت الداعم لتقرير مصير الصحراويين”، في مشهد لا يخلو من انتهازية سياسية فاضحة.
المنصات الإعلامية التابعة للنظام العسكري، وعلى رأسها وكالة الأنباء الجزائرية وصحيفة “الشروق”، حولت تصريحاً لبولتون أدلى به في حوار مع صحيفة El Independiente الإسبانية – المعروفة بعدائها للمغرب – إلى ما يشبه “البشرى الدبلوماسية”، بعدما تحدّث عن احتمال أن يعيد ترامب النظر في الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه.
وبالرغم من أن هذه التصريحات لا تتعدى كونها تحليلات شخصية من رجل ليس بصانع للقرار الأمريكي، فإن الإعلام الجزائري بالغ في تسويقها كما لو أنها صادرة عن مراكز القرار داخل البيت الأبيض.
لكن اللافت، بل والمخجل، أن هذا الإعلام نفسه يغضّ الطرف تماماً عن المواقف المتطرفة لبولتون، ومنها دعمه الصريح للحرب الإسرائيلية على غزة، وترويجه لاغتيال قيادات إيرانية، وعلى رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي.
بولتون أصبح منبوذاً حتى داخل حزبه
ففي تصريح منشور في النسخة العربية لصحيفة The Independent بتاريخ 26 غشت 2024، قال بولتون بالحرف: “من قتل هنية، يمكنه قتل خامنئي”. ورغم ثقل هذه الكلمات وخطورتها، إلا أنها لم تجد طريقها إلى الصحف الجزائرية، التي تواصل تقديمه كمناصر لحقوق الإنسان.
هذه الازدواجية في تغطية شخصية بولتون تتكرر أيضاً مع مواقفه العدائية للقضية الفلسطينية، حيث يعارض إقامة دولة فلسطينية، ويقترح مشروعاً لتقسيم الضفة بين إسرائيل والأردن وتسليم غزة لمصر، فيما يُعرف بـ”خطة الدول الثلاث” التي تنسف بالكامل مبادئ الدبلوماسية الجزائرية المعلنة، والتي تزعم رفض التطبيع ونصرة القضية الفلسطينية.
المفارقة الصارخة أن الإعلام الجزائري يروج لبولتون كأنّه لا يزال داخل مطبخ القرار الأمريكي، متجاهلاً أنه أصبح منبوذاً حتى داخل حزبه، بل إن الرئيس ترامب وصفه علناً بـ”الغبي والخطر”، وسحب منه الحماية الأمنية بسبب مواقفه المتطرفة.
فقدان الجزائر لأي دعم دولي
وفي المقابل، تغض المنابر الجزائرية الطرف عن المواقف الرسمية للولايات المتحدة، ومنها البيان الصادر عن الخارجية الأمريكية في أبريل الماضي، والذي دعا إلى استئناف المفاوضات على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، باعتباره الإطار الواقعي الوحيد للحل. بيان يحمل رسائل واضحة في دعم واشنطن للمبادرة المغربية.
الواقع أن هذا التركيز المرضي على تصريحات بولتون يعكس أزمة أعمق: فقدان الجزائر لأي دعم دولي معتبر يساند أطروحتها الانفصالية، ما يدفعها إلى الاستنجاد بأسماء مهمشة، فقط لأنها تنسجم مع سردية النظام العسكري، حتى لو كانت مواقفها الحقيقية تناقض شعارات الجزائر حول السلم والتضامن.
في النهاية، توظيف بولتون ليس إلا انعكاسا لحالة التخبط والعزلة التي يعيشها حكام قصر المرادية، حيث يرونه كصوت منقذ، ولو كان عدواً معلناً لقضية فلسطين.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X