
بين تقاعس العدالة وجشع المؤثرين.. مأساة الطفلة مروة تعرّي وجهاً مظلماً في الجزائر
هبة بريس
استفاق المجتمع الجزائري خلال الأيام القليلة الماضية على نهاية مأساوية لقضية شغلت الرأي العام طيلة أسابيع، بطلتها طفلة لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها، اختفت في ظروف غامضة، ما فتح الباب أمام موجة من التكهنات والتأويلات، واستغلال اسمها واسم أسرتها على منصات التواصل التي تحوّلت إلى سوق للمتاجرة بالمآسي.
حملات التشهير والاستغلال
وقد كُشف الستار أخيرًا عن الفصل الأخير في قصة الطفلة “مروة بوغاشيش”، حيث أعلنت السلطات العثور على جثتها في حالة تحلل بغابة جبل الوحش في ولاية قسنطينة، وأصدر وكيل الجمهورية بالمنطقة بيانًا يؤكد الواقعة.
وخلال فترة اختفائها، لم تسلم عائلة مروة من حملات التشهير والاستغلال، حيث أطلق بعض من يسعون للربح الرقمي العنان لخيالهم المسموم، وراحوا يروجون روايات مفبركة على حساب مشاعر أسرة مكلومة. ومن أكثر هذه الادعاءات إثارة للاستهجان، ما نشره أحد “المؤثرين” بشأن “هروب الطفلة مع أحد أقاربها نحو ولاية ورقلة”، مع اتهامات صريحة لوالديها بالتواطؤ، في تجاهل تام لهول الكارثة.
وفي الوقت الذي كانت فيه مروة تواجه مصيرًا مأساويًا على يد ذئاب بشرية، كانت آلة التضليل الإعلامي تنسج خيوط الزيف، مستهدفة أهلها، ومضللة الرأي العام الذي حُرم من التفاعل الإنساني والتعاطف الحقيقي مع الأسرة بفعل الضوضاء التي صنعتها الروايات المفبركة.
وأعلنت سلطات قسنطينة أنها باشرت تحقيقًا معمقًا في ملابسات الجريمة، وأكدت من خلال تحاليل الحمض النووي أن الجثة تعود بالفعل للطفلة مروة بوغاشيش.
التنامي الخطير للجرائم الموجهة ضد الأطفال
وتسلط هذه القضية الأليمة الضوء على مسألتين أساسيتين:
أولًا، التنامي الخطير للجرائم الموجهة ضد الأطفال، سواء عبر الاختطاف أو القتل أو الاتجار بهم، مما يعكس انحدارًا أخلاقيًا يستدعي استنفارًا أمنيًا ومجتمعيًا واسعًا.
ثانيًا، ظاهرة تدخل الإعلام الرقمي في مسار العدالة، حيث يتم إصدار الأحكام المسبقة وتوجيه الاتهامات دون أدلة، في ظل استسلام واسع للرأي العام أمام سيل من الروايات الكاذبة والمضللة، ما يعمّق من جراح الضحايا وأسرهم بدل أن يواسيهم.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X