
حسن طارق يحذر: “أنانية المؤسسات تهدد ثقة المواطن”
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في سياق التحولات التي تعرفها الإدارة المغربية، وتجدد النقاش حول الحكامة المؤسساتية، كشف تقريرا لمؤسسة وسيط المملكة لسنتي 2022 و2023 عن تحديات جوهرية تعوق فعالية الوساطة في علاقتها بالمواطنين والإدارات العمومية، أبرزها: غياب التنسيق، ضعف التفاعل مع التوصيات، وتفشي ما وصفه ممثل مؤسسة الوسيط حسن طارق بـ”الأنانية المؤسساتية” بين الفاعلين المؤسساتيين.
– أنانية مؤسساتية تعطل التكامل
أثار طارق، خلال عرض التقريرين أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، ضرورة تجاوز ما سماه “سوء الفهم والتوتر” بين هيئات الحكامة والمؤسسات التمثيلية. هذا التوصيف ليس مجازًا سياسيا، بل يعكس مأزقًا هيكليًا في العلاقة بين المؤسسات التي يُفترض أن تكمل أدوار بعضها البعض في النظام الدستوري لما بعد 2011.
فبدل التعاون والتكامل، تشهد بعض هذه العلاقات احتكاكات وصراعات على “الشرعية” و”الاختصاص”، مما يضعف فاعلية مؤسسات الحكامة، ويؤخر إنصاف المواطنين.
– وساطة حضرية… واختلالات متجددة
تقرير الوسيط كشف أيضًا أن غالبية الشكايات والتظلمات تأتي من الوسط الحضري، وهو ما يعكس من جهة كثافة المؤسسات في هذه المناطق، ومن جهة أخرى تهميشًا محتملًا للوساطة في العالم القروي، حيث ضعف الثقافة الحقوقية ومحدودية الولوج إلى الآليات القانونية.
أما بخصوص طبيعة الشكايات، فتراوحت بين اختلالات نمطية مزمنة كعدم تنفيذ الأحكام القضائية، وانعدام تجاوب الإدارة، إلى جيل جديد من المطالب المرتبطة بالحماية الاجتماعية والسكن والبحث العلمي.
– إدارة تتجاهل التوصيات: أزمة ثقة؟
رغم تمكن المؤسسة من تسوية عدد مهم من الشكايات، إلا أن تقاريرها كشفت عن تراجع تجاوب بعض الإدارات العمومية، بل ورفض بعضها تنفيذ توصيات المؤسسة، وعلى رأسها جماعة الدار البيضاء، وهو ما يطرح تساؤلات مقلقة حول حدود السلطة الأدبية والقانونية لمؤسسة الوسيط، ومدى التزام الإدارات العمومية بثقافة المساءلة والشفافية.
هذا الوضع يتطلب بحسب حسن طارق تعزيز آليات التتبع والمساءلة، لضمان تنفيذ التوصيات واحترام مؤسسة دستورية دورها هو حماية المواطنين من تعسف الإدارة.
– مخطط 2026-2030: نحو إعادة تموقع المؤسسة
استشرافًا للمستقبل، أعلنت المؤسسة عن خطة استراتيجية للفترة 2026–2030، تشمل توسيع التغطية الجغرافية عبر مندوبيات جهوية وتمثيليات محلية، وتنظيم حوار وطني حول المناصفة بين الجنسين داخل الإدارة، بما يستجيب للروح الدستورية.
كما دعت المؤسسة إلى مراجعة القوانين المؤطرة لعلاقة المواطن بالإدارة، بشكل يجعل الوساطة أكثر فعالية، وقادرة على تجاوز دورها الرمزي إلى وظيفة تصحيحية حقيقية.
– من الرؤية إلى الفعل
تُبرز التقارير الأخيرة لمؤسسة الوسيط أن المغرب لا يزال يراكم وعيًا مؤسساتيًا متقدمًا، لكن التنفيذ لا يرقى بعد إلى التطلعات. إن تجاوز “الأنانية المؤسساتية”، وتفعيل التوصيات بجدية، وتعزيز حضور الوساطة في كل جهات المملكة، هي أولى الخطوات نحو إدارة عمومية فعالة، مواطِنة، ومنفتحة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X