شاطئ عين الذئاب.. عندما يتحول الملك العام إلى ملكية خاصة!

أيمن لمغبر – هبة بريس

مع حلول كل موسم صيف، يتجدد الحديث عن الفوضى التي يعرفها شاطئ عين الذئاب بالعاصمة الاقتصادية، حيث يشتكي المواطنون من تغوّل عدد من المقاهي والمؤسسات التجارية التي حوّلت الفضاء العمومي إلى مجال خاص، وسط غياب شبه تام للمراقبة وضعف التنسيق بين الجهات المعنية. فالمفروض أن يكون هذا الشاطئ متنفسًا عامًا وملكًا جماعيًا في خدمة الساكنة، غير أنه تحول إلى مجال للربح والتسلط والتجاوزات التي تمس أبسط حقوق الزوار.

عدد من هذه المقاهي تستفيد من رخص استغلال مؤقتة للملك العمومي البحري، وهي رخص تُمنح في إطار محدد ووفق شروط دقيقة، غير أن الواقع يكشف استغلالها خارج نطاق القانون، بل يتم في حالات كثيرة إعادة تأجير أجزاء منها لأطراف أخرى مقابل مبالغ خيالية، ما يحوّل هذه الرخص إلى امتيازات تجارية صِرفة تتعارض مع طابعها المؤقت والمحدود. والمثير للدهشة أن بعض المستغلين باتوا يتصرفون كما لو كانوا المالكين الشرعيين للشاطئ، فيضعون حواجز مادية وبشرية تمنع المواطنين من الجلوس مجانًا أو حتى الاقتراب دون استهلاك.

وفي الوقت الذي يُلزم فيه القانون جميع المهنيين بإشهار أسعار المشروبات والخدمات بشكل واضح وشفاف، لا تلتزم العديد من المقاهي بذلك، ما يفتح الباب أمام فوضى الأسعار، إذ تصل أثمنة بعض المواد البسيطة إلى مستويات غير مبررة: براد شاي صغير قد يبلغ 28 درهمًا، وقنينة ماء معدني 20 درهمًا، دون الحديث عن تسعيرة الطاولات والكراسي التي تُفرض على الزبناء دون وجه حق. هذا الوضع يُعد خرقًا سافرًا لمقتضيات قانون حماية المستهلك، ويعكس غياب تدخل فعّال من طرف السلطات المختصة لضبط الأسعار وحماية المواطنين.

ولا تتوقف التجاوزات عند هذا الحد، بل تمتد إلى طريقة إعداد وتقديم بعض الوجبات، التي تُطهى في أماكن غير مرخصة ولا تستجيب لشروط السلامة الصحية، ما يُشكل خطرًا مباشرًا على صحة المستهلكين، خاصة في ظل غياب مصالح المراقبة البيطرية والصحية عن مثل هذه الفضاءات. كما أن بعض المرافق تم تجهيزها بأفران وأسطوانات غاز في أماكن مغلقة أو عشوائية، دون احترام معايير السلامة.

في ظل هذه الخروقات، يتساءل المواطنون عن دور مجلس جماعة الدار البيضاء، خاصة بعد الزيارات التفقدية التي قامت بها السيدة العمدة إلى الشاطئ خلال الأسابيع الماضية، والتي لم تُترجم، إلى حدود الساعة، إلى قرارات ميدانية تحدّ من هذا التغوّل الصارخ. كما يُطرح سؤال آخر على مصالح ولاية جهة الدار البيضاء – سطات: إلى متى سيستمر الصمت على هذا الوضع؟ وهل من المقبول أن يُحوّل الملك العام إلى ما يشبه مشروعًا خاصًا تحت أنظار الجميع؟

إن الوضع الحالي لشاطئ عين الذئاب لا يُشرّف مدينة بحجم الدار البيضاء، ولا يليق بصورة المغرب السياحية، ولا بحقوق المواطن في الولوج المجاني والمنظم إلى فضاءاته الطبيعية. إنه نداء مفتوح إلى السلطات المعنية، لإعادة الأمور إلى نصابها، وتحرير الشاطئ من قبضة الريع والممارسات غير القانونية.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى